فصل: وفاة هشام وولاية ابنه الحكم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة عبد الرحمن الداخل وولاية ابنه هشام.

ولما هلك عبد الرحمن كان ابنه الأكبر سليمان واليا على طليطلة وكان ابنه هشام على ماردة وكان قد عهد له بالأمر وكان ابنه عبد الله المسكين حاضرا بقرطبة فأخذ البيعة لأخيه هشام وبعث إليه بالخبر فسار إلى قرطبة وقام بالدولة وغص بذلك أخوه سليمان فأظهر الخلاف بطليطلة ولحق به أخوه عبد الله وبعث هشام في أثره فلم يلحق وسار هشام في العساكر فحاصرهم بطليطلة وخالفه سليمان إلى قرطبة فلم يظفر بشيء منها وبعث هشام بن عبد الملك في أثره فقصد ماردة فحاربه عامله وهزمه الله بغير أمان ودخل في طاعته فأكرمه ثم بعث سنة أربع وسبعين ابنه معاوية لحصار أخيه سليمان بتدمير فدوخ نواحيها وهرب سليمان إلى جبال بلنسية فاعتصم بها ورجع معاوية إلى أبيه بقرطبة ثم طلب سليمان العبور إلى عدوة البربر بأهله وولده فأجازه هشام وأعطاه ستين ألف دينار صلحا على تركة أبيه وأقام بعدوة المغرب وسار معه أخوه عبد الله ثم خرج على هشام سعيد بن الحسين بن يحيى الأنصاري بطرسوسة من شرق الأندلس وكان قد التجأ إليها حين قتل أبوه ودعي إلى اليمانية فملكها وأخرج عاملها يوسف العبسي فعارضه موسى بن فرقوق في المضرية بدعوة هشام وخرج أيضا مطروح بن سليمان بن يقظان بمدينة برشلونة وملك مدينة سرقسطة وواشقة وكان هشام في شغل بأمر أخويه فلما فرغ منهما بعث أبا عثمان عبيد الله بن عثمان بالعساكر إلى مطروح فحاصره بسرقسطة أياما ثم أفرج عنه ونزل بطرسوسة قريبا وأقام بتحيفة ثم غدر بمطروح بعض أصحابه وجاء برأسه إلى أبي عثمان فبعث به إلى هشام وسار إلى سرقسطة فملكها ثم دخل إلى دار الحرب غازيا وقصد ألبة والقلاع فلقي العدو وظفر بهم وفتح الله عليه وذلك سنة خمس وسبعين وبعث هشام العساكر مع يوسف بن نحية إن جليقة فلقي ملكها ابن مند وهزمه وأثخن في العدو وفي هذه السنة دخل أهل طليطلة في طاعة الأمير هشام بعد منصرف أخويه عنهم فقبلهم وأمنهم وبعث عليها ابنه الحكم واليا فضبطها وأقام بها وفي سنة ست وسبعين ومائة بعث هشام وزيره عبد الملك بن عبد الواحد بن مغيث لغزاة العدو فبلغ ألبة والقلاع وأثخن في نواحيها ثم بعثه في العساكر إلى أربونة وجرندة فأثخن فيهما ووطىء أرض سلطانية وتوغل في بلادهم ورجع بالغنائم التي لا تحصى واستمد الطاغية بالبشكنس وجيرانه من الملوك فهزمهم عبد الملك ثم بعث بالعساكر مع عبد الكريم بن عبد الواحد إلى بلاد جليقة فأثخنوا في بلاد العدو وغنموا ورجعوا وفي هذه السنة هاجت فتنة بتاكدنا وهي بلاد رندة من الأندلس وخلع البربر هنالك الطاعة فبعث إليهم هشام بن عبد القادر بن أبان بن عبد الله مولى معاوية بن أبي سفيان فأبادهم وخرب بلادهم وفر من بقي منهم فدخلوا في القبائل وبقيت تاكدنا قفراء خالية سبع سنين وفي سنة تسع وسبعين بعث هشام الحاجب عبد الملك بن عبد الواحد بن مغيث في العساكر إلى جليقة فانتهى إلى ميورقة فجمع ملك الجلالقة واستمد بالملوك ثم خام عن اللقاء ورجع أدراجه وأتبعه عبد الملك وتوغل في بلادهم وكان هشام قد بعث الجيوش من ناحية أخرى فالتقوا بعبد الملك وأثخنوا في البلاد واعترضهم عسكر الإفرنج فنالوا منهم بعض الشيء ثم خرجوا ظافرين سالمين.

.وفاة هشام وولاية ابنه الحكم.

ثم توفي هشام بن عبد الرحمن سنة ثمانين ومائة لسبع سنين من إمارته وقيل ثمان سنين وكان من أهل الخير والصلاح وكان كثير الغزو والجهاد وهو الذي أكمل بناء الجامع بقرطبة الذي كان أبوه شرع فيه وأخرج المصرف لآخذي الصدقة على الكتاب والسنة ولما مات ولي ابنه الحكم بعده فاستكثر من المماليك وارتباط الخيل واستفحل ملكه وباشر الأمور بنفسه ولأول ولايته أجاز ابنه عبد الله البلنسي من عدوة المغرب فملك بلنسية ثم أخوه سليمان من طنجة فحاربهما الحكم سنة ثم ظفر بعمه سليمان فقتله سنة أربع وثمانين وأقام عبد الله ببلنسية وكف عن الفتنة وأرسل الحكم في الصلح على يد يحيى بن يحيى الفقيه وغيره فصالحه سنة ست وثمانين وفي خلال الفتنة مع عميه سليمان وعبد الله اغتنم الفرنج الفرصة واجتمعوا وقصدوا برشلونة فملكوها سنة خمس وثمانين وتأخرت عساكر المسلمين إلى ما دونها وبعث الحكم العساكر إلى برشلونة مع الحاجب عبد الكريم بن مغيث إلى بلاد الجلالقة فأثخن فيها وخالفهم العدو إلى المضايق فرجع إلى التعبية وظفر بهم ورجع إلى بلاد الإسلام ظافرا وفي سنة إحدى وثمانين ثارالبهلول بن مرزوق بناحية الثغر وملك سرقسطة وفيها جاء عبد الله البلنسي عم الحكم كما ذكرناه وفي هذه السنة خالف عبيدة بن عمير بطليطلة وكان القائد عمرو بن يوسف من قواد الحكم بطلبيرة فكتب إلى هشام بحصارهم فحاصرهم ثم استمال بني مخشي من أهل طليلطلة فقتلوا عبيدة وبعثوا برأسه إلى عمروس فبعث به إلى الحكم وأنزل بني مخشي عنده فقتلهم البربر بطلبيرة بثأر كاتب لهم وقتل عمروس والباقين واستقامت تلك الناحية واستعمل عمروس ابنه يوسف على مدينة طليطلة ولحق بالفرنج سنة تسع وثمانين بعض أهل الحرابة وأطمعوا الفرنج في ملك طليطلة فزحفوا إليها وملكوها وأسروا أميرها يوسف وحبسوه بصخرة قيسر وسار عمروس من فوره إلى سرقسطة ليحميها من العدو وبعث العساكر مع ابن عمه فلقي العدو وهزمهم وسار إلى صخرة قيسر وقد وهن الفرنج من الهزيمة فافتتحها وبعث عمروس نائبه وخلص يوسف وعظم صيته.